الاثنين، 30 يوليو 2018

كان يامكان لمن ترجمت من زمان


 هل دخلت لعالم الترجمة لكوني شغوفة بالكتابة والقراءة أم أن لأشغل وقتي بما هو مفيد؟

أذكر أيام الجامعة أستاذة اللغة الإنجليزية قد اقترحت علينا مشروعا بدلا من الاختبارات العادية وهو ترجمة كُتيّب إسلامي، اشتركت كل 4 فتيات في الترجمة وحصلنا جميعا على A+ .. كإحتفالا بنجاحنا أحضرت لنا الأستاذة نسخ من الكتيبات التي تمت ترجمتها وذكرتنا بعظم ماقمنا به لأنه "عِلمٌ يُنتَفعُ بِه ".

حسنا لم أترجم أي مواضيع دينية بعد ذلك الكُتيّب لكني لازلت أفكر بعظم أجر نشر العلم والذي لا يقتصر على العلم الشرعي بل يشمل جميع ما ينتفع به الناس، لذلك قمت بترجمة بعض المواضيع التي تثير اهتمامي في مدونتي الشخصية، كما عملت تطوعيا مع موقع نون العلمية لترجمة ومراجعة المقالات العلمية.

عندما تتم التوصية بقراءة كتاب غير عربي يسأل أحدهم إن كان متوفرا باللغة العربية ويجيب آخرون بنعم مرفقين عدة صور للكتاب المترجم مع إضافة بسيطة بسيط " ترجمة فلان مملة وكئيبة لم تظهر جمال النص عليك بترجمة المبدع علان، الكتاب أدبي لذلك عليك باقتناء نسخة مترجة من هذه الدار فهي محكمة للغاية ".

أثناء تصفحي للمقالات والكتب لاحظت بأننا لا نكتفي بترجمة النصوص بحذافيرها وحسب، بل ننسخ علامات الترقيم وطريقة ترتيب الجمل كالنص الأصلي بشكل كامل وهذا في رأيي أمر خاطئ تماما !

لا أدعي إلمامي بقواعد اللغة العربية ولست ممن اطلع على كل كتب الدنيا حتى أستطيع اطلاق الاحكام والانتقادات، لكن هناك أمور بديهية تعلمناها في المرحلة الابتدائية عن لغتنا الجميلة ومعانيها، لذلك أستنكر بعض الصيغ التي أقرئها من نص مترجم والتي تتنافى مع خبرتنا في القراءة العامة سواء للمجلات أو الجرائد والتي تزخر بالكتاب المبدعين.

زُخْرُفَ القَول

كنت أعمد أحيانا أثناء شجاري مع اخوتي بنعتهم بأسماء غريبة مثل غضنفر (أسد) أو صمصام (سيف) وكان ذلك يثير حنقهم لظنهم أنها مسبة حتى تسارع أمي بتوبيخي وشرح المعنى لهم.

وأذكر مرة أثناء كتابتي مشرع التخرج – باللغة الإنجليزية – نصحتني زميلتي باستخدام ترجمة جوجل لاختيار مصطلحات أكثر فخامة وتوحي بغزارة العلم والتي غالبا ما تنتهي بـ tion ، لكن عندما قرأت مقدمة بحثها لم أفهم شيء وطلبت منها شرح بعض الكلمات التي استعانت هي الأخرى بقاموس لفك طلاسمها.

من الرائع إثراء عقولنا بكلمات جديدة تزخر بها لغتنا العربية، لكن التنطع والتعقيد ورصف الكلمات المبهمة بجانب بعضها ينفر القارئ عن اكمال قراءة المقال، فغرضه الأساسي  هو الاطلاع الثقافي العلمي وليس رغبة منه بتعلم البلاغة.

المِرْسَال

قرأت كتاب إيسام وقصة تعريب الاسم التي أدهشتني لكن دار بخلدي العديد من المصطلحات وخصوصا أسماء الشركات التي ستغدو أضحوكة لو عُرّبت، فلنتخيل مشاركة قصة على "وجه الكتاب" أو ننشر حدثا في "زقزقة" كما يمكننا الضحك على مقطع في موقع "أنت أنبوب".

في المخيم الصيفي سألتنا رائدة المجموعة اذا سبق واستعملنا المِرسَال من قبل وأجبنا بالنفي !
عندما ترجمت لنا الكلمة لنظيرتها في اللغة الإنجليزية Messenger ضحكنا جميعا لغرابة الكلمة فرغم كونها عربية إلا أننا لم نفهم معناها سابقا، إن تعريب الكلمات أمر ممتع لاسيما مع وجود كم هائل من المصطلحات يفوق الـ 12 مليون كلمة مقابل 600,000 كلمة انجليزية.. ولكن هل علينا تعريب كل مصطلح؟

أصبحت للعلامات التجارية صفحات باللغة العربية مثل أوراكل وأمازون إلا أنها لا تعمد لتعريب اسمها في تلك الصفحة، لكن يتم شرح مجالها كشركة تقنية أو وكالة أنباء. والكثير من المصطلحات المحاسبية والرياضية وغيرها قد تم تعريبها لكن استخدام الكلمة المعربة عند ترجمة المقال قد لا يكفي بل يفضل إضافة حاشية تشرح المصطلح للعامة مثل: الذكاء الاصطناعي "هو محاكاة البرامج الحاسوبية للقدرات الذهنية البشرية".

حسنا السؤال التالي: هل نكتب جوزيف أم يوسف؟ إنجلند أم إنجلترا؟
بالنسبة لي فأنا لا أتفق مع تعريب أسماء الأشخاص بل أفضل أن تكتب كما تنطق باللغة الأصلية، لكن المدن فنكتبها كما هو دارج في لغتنا العربية مثل سينغافورا وجزر القمر والصين.

نُصُوص.. !

عند تصفح عناوين الكتب على الأرفف نجد سطرا صغيرا يشرح ماهية الكتاب سواء كان ديوان شعر أو سيرة ذاتية وربما يكون رواية خيالية أو قصة واقعية. في قسم الأدب سنجد عبارة "نصوص" تتكرر بكثرة لكتب ليست شعرية أو قصة أدبية، هي أقرب للخواطر لكنها أكثر حزنا وأقل عمقا، وتمتاز النصوص بكثرة النقط وعلامات التعجب كما أن كل 3 جمل تكتب في صفحة واحدة يقابلها صورة لقهوة وكتاب.

عند الاطلاع على مقال لم يراعي مترجمه أبجديات كتابة النص، فنرى الجمل مبعثرة لا ترتبط بأحرف عطف أو أداة تعقيب كما تفتقر لعلامات الترقيم من تنصيص ونقط، أو يتم الافراط باستخدام علامات التعجب والفواصل فيخرج شكل المقال كنص شاعري ركيك وليس مقالة علمية مليئة بالاقتباسات ونتائج بحوث استغرق العمل عليها دهرا.

.
.
.

أحب الترجمة وأشعر بسعادة عندما يناقشني أحدهم في موضوع كتبته أو يقوم بتعديل صيغة استخدمتها، فأنا لا أحب النشاز اللغوي لأنه يبعد ذهني عن الفكرة الأساسية للمقال، فكما أقوم بتصحيح نطق المقدمين في المحافل فأنا أعمل جاهدة لمراجعة القواعد العربية أثناء قراءتي لكتابة أحدهم.. وأعتذر عن ذلك بشدة لكني لست آسفة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق