الطريق الأسهل لتقليص نفقات الشركة هو ضغط الموظفين بالعمل وقطع جميع
سبل الرفاهية عنهم أما الطريق الأصعب فهو التحقق من ميزانية كل قسم ودراسة مدى
جدوى الأنظمة والمعدات المستخدمة لإنجاز الأعمال.
بالطبع ستختار إدارة الموارد البشرية الطريق الأسهل، فأصدرت الأوامر
بتسجيل طلبات المناديل وعدم صرف أكثر من علبتين خلال السنة ويستثنى الموظف المصاب
بالزكام فيسمح له باستهلاك علبة كاملة خلال أسبوعين. الأمر الثاني هو انهاء
التعاقد مع شركات المياه المعلبة وبالتالي على الموظفين إحضار قوارير الماء من
منازلهم فلم تعد تلك العبوات الصغيرة الباردة تقف بجانب الحواسيب كل صباح.
أما القهوة العربية والشاي فيجب على محبيها توفير البن والهيل المطحون
وتزويد صبي الكافتريا به شهريا ليتمكن من تجهيز الدلال بعد صلاة الظهر. ويمكن
لمدراء الأقسام احتساء القهوة التركية مرتين خلال الأسبوع مع التعهد بالحفاظ على
سلامة الكوب وكأس الماء الذي بجواره فهو من ممتلكات الشركة.
كما لا يسمح بتناول الطعام أو قراءة الكتب والمجلات في المكاتب لذلك
عليك اصطحاب وسائل الترفيه هذه لساحة التدخين خارج مبنى الشركة ولديك 10 دقائق فقط
حتى تنتهي من التدخين أو الأكل ثم تعود للطحن داخل المكتب، ومؤخرا تم فرض قوانين
الطباعة لتقليل مصاريف الحبر فيسمح لكل موظف بطباعة 300 ورقة 65 منها ملون والباقي
بالأبيض والأسود خلال السنة، وفي حال تجاوز العدد المسموح به فيجب رفع طلب لمدير
الخدمات المساندة مع شرح كافة الأسباب التي تستوجب طباعة بضع ورقات إضافية.
وبسبب إعادة ترتيب المكاتب استقرت إدارة تقنية المعلومات في الدور الثاني،
وأضطر يوميا لمغادرة المكتب مرتين مرورا بمدير قسم المالية في الطابق الأول
ومتجنبة قسم المبيعات في الطابق الأرضي حتى أدخل المبنى الخلفي حيث تتواجد استراحة
الفتيات وبيت الخلاء.. ياللإحراج
ولأنني أرغب بقضاء حاجتي من دون المرور على صف المكاتب رفعت طلب إعادة
دراسة الميزانية المتوفرة لكل قسم يقيننا مني بأن إدارتي لا تستهلك سوى بضع آلاف
من ميزانية الشركة، لذلك فأنا أستحق الحصول على كوب قهوة مزبوطة يوميا كما أن
النباتات على مكتبي قد جفت وبحاجة لعبوة ماء مخصصة ترويها كل صباح !
تم استقبال طلبي بحفاوة من مديري وتكشيرة من زملائي رؤساء الأقسام،
فلإعداد هذه الدراسة يتوجب علينا جميعا التعاون مع قسم التدقيق الداخلي وهو أمر
نحاول تجنبه هذه الفترة، إضافة لقلة عدد الموظفين الأكفاء لتولي هذه المهمة – موسم
الإجازات – لكني بدأت إعداد ميزانية قسمي بكل سرور.
" حسنا لا بأس برخص البرامج والأجهزة إضافة للخدمات العامة، المشاريع
الجديدة جميعها غير قابلة للتنفيذ في الوقت الحالي، أما طلبات التدريب فإن
اليوتيوب خير معلم "
هكذا أمضيت شطب الطلبات وإعادة تقييم الأسعار حتى وصلت لآخر مهمة:
التحديث والنسخ الاحتياطي وتكلفة تنفيذ خطة الطوارئ.. عشرة أيام من الأخذ والجذب
ومهاتفة ربع شركات التقنية في المملكة وخرجت بأرقام ستجبر باقي الموظفين على
الصيام خلال السنتين القادمة.
لذلك مزقت ورقة اعتراضي وأخذت النباتات لمنزلي، سأبدأ نظام أكل صحي مستمد
من أشعة الشمس وماء الصنبور وأنا أدعو الله تفريج هذه الضائقة المالية.
