" شركة تقوم بجل تعاملاتها إلكترونيا "
.
.
هذه رغبة الكثير من الشركات في الوقت الحالي، فبدلا من تعيين موظفين
للقيام بمهمة ما، بإمكان البرنامج القيام بذلك وعلى أكمل وجه من دون تذمر أو شكوى،
فبدلا من تعيين 3 موظفين لدراسة الجدوى بإمكان برنامج تحليلي يديره شخص واحد اصدار
التقارير مع ارفاق توصياته الخاصة!
أثناء ترجمتي لأحد المقالات حول أتمتة عمليات قسم الموارد البشرية في
كبرى الشركات الصناعية ذكر الكاتب جملة مهمة " كل ما تقوم به يدويا يمكنك
تحويله لطريقة أوتوماتيكية " لكن السؤال هو هل أنا في حاجة لفعل ذلك حقا؟
ملاحظة: قبل متابعة القراءة عليك أن تعي ياعزيزتي و ياعزيزي بأن مجال عملي هو تقنية المعلومات ومن مهامي الوظيفية تحويل كل الأعمال الروتينية واليدوية إلى حوسبية !!
توفر الشركات التقنية العديد من الخدمات التي تساعد على أتمتة
العمليات التي تتم في الشركات، على سبيل المثال توفر شركة أوراكل لقسم الموارد
البشرية خدمة انشاء واجهة المستخدم واستخدام خوارزمية تعلم الآلة للبحث عن
المرشحين المثاليين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تقوم بقراءة السير الذاتية
المرسلة لتستبعد من لا يتلاءم مع الوصف الوظيفي والذي يوفره النظام أيضا.
ومن ضمن الخدمات التحقق من خلفية كل مرشح طبيا وقانونيا إضافة لدراسة تعابير الوجه
أثناء اجراء المقابلة عن بعد ثم تتم عملية التواصل مع المرشح النهائي لتقديم العرض
الوظيفي والذي تم كتابته من قبل النظام نفسه.. سيقل بذلك عدد
الموظفين في قسم الموارد البشرية وسيقتصر دور الموظف على الإشراف والتوجيه.
بتطبيق هذا المثال على كافة أقسام الشركة فسيعتمد قسم المحاسبة على
خوارزمية الحسابات، وقسم التقنية سيكتفي بتعيين مشرفين على سير العمليات كما يمكن
الاستغناء عن بعض موظفي قسم المشاريع واستبدالهم ببرامج التحليل السريعة، وبذلك ستقل
متطلبات العمل لدى من تبقى من موظفين الشركة وستتقلص مدة الدوام لـ 4 ساعات !
في السابق فإن عملية الأتمته تعني تقليص الإجراءات الطويلة والأعمال
الروتينية ليتفرغ الموظف لما هو أهم، والآن أنا أتساءل ما هو الأهم؟
إذا اكتفينا بقراءة الكاميرة لتعابير وجه المتقدم للعمل لدراسة شخصيته
ومدى مناسبته لقيم الشركة ومبادئها بدلا من اجراء المحادثة شخصيا، وان كان التحكم بالإضاءة
والتكييف وإدارة ماكينة القهوة سيتم من خلال الحاسوب، وإن توقف المدير عن عقد
اجتماع مطول للبحث في أفكار تطوير القسم وتم الاكتفاء بالتصويت الالكتروني لتطبيق
اعلى فكرة لاقت رواجا.
إن استبدلنا لغة التخاطب الشفهية والمصافحة اليدوية لأنه بإمكاننا
الاستغناء عن ذلك فسنحشر متفرقين في المكاتب متفحصين أجهزة الجوال لأن الحاسوب
سيقوم بالمهام اللازمة، ولن نضطر للحديث معا مادامت الرسائل بديلا أوفر.. سنتحول
لمجموعة غرباء يخشون المواجهة ويفضلون التحدث إلى جهاز أصم عوضا عن البشر.
لا أرغب بمستقبل تديره أجهزة الحاسوب فلازلت تقليدية بعض الشيء وأحب
القيام ببعض الإجراءات على الطريقة القديمة. لذلك توقفت عن متابعة عملية أتمتة
التوظيف على الأقل في الوقت الحالي، فالمتعة في مقابلة فرد جديد ودراسة حركة يديه
ونبرة صوته ثم تقرير ما إذا كان المرشح سيكون عضوا فعالا في الشركة، الأحاديث
العابرة بالقرب من جهاز القهوة وتبادل الأخبار ينشر المودة بين الموظفين، اجتماع
الغداء مع المدراء لمناقشة مستقبل الشركة يضفي إحساس بأهمية الموظف في صنع القرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق