حرصت أمي على اختيار مدرسة توفر بيئة ملائمة للتي تربيت فيها، فانتقيت صديقاتي بناء على البيئة التي انحدرن منها. وابتعدت عن الفتيات اللاتي نشئن في بيئة مغايرة. وكذلك الأمر في الجامعة، فرغم كبرها واحتوائها على العديد من الثقافات إلا أني فضلت التسكع مع المتوافقات معي. كنت أرى العديد من التصرفات المستنكرة والأفكار الغريبة من بعض الطالبات فحرصت على عدم الاحتكاك بهن إلا فيما يخص الدراسة والمشاريع.
لكن الآن أنا موظفة، وكل زميلة لي هنا تنحدر من بيئة تختلفا جذريا عن تلك التي نشئت فيها، ولكن لامجال للهرب فنحن معا طوال الـ 8 ساعات. في البداية حرصت على الجلوس معهن في بريك القهوة وأنصت بإمعان للحديث الدائر بينهن والأسرار المخبئة والألفاظ المستخدمة أثناء الكلام، ثم أعود للمنزل لأسرد القصص التي قيلت لأهلي.
بعد ثلاثة أشهر ذهبت لهفتي لجلسات القهوة ولم تعد المواضيع التي تطرح تثيرني بقدر ما كانت تستفزني، فأتساءل عن سبب التصرف هذا أو الكلام الذي قيل قبل قليل ؟ فبدأت بتدوين ملاحظات في عقلي عن التصرفات الغير مقبولة والتي سأحرص على تربية أبنائي بتجنبها. أنا لست ساذجة وأدرك فائدة تعدد الثقافات والبيئات من حولنا، لكن من الصعب التواجد في مكان مناقض لما نشئ المرء عليه. لا بأس بالاختلاط مع الآخرين من حين لآخر لكن التواجد مع فتاة تحدث عن - موضوع عيب ينقال - في بيتي فهو أمر مثير في بدايته لكنه يتحول لاشمئزاز في آخر اليوم.
سمعت بالمثل: خد الصالح وسيب الطالح.. لكن المشكلة هي إن طغى الطالح فتعاف النفس الصالح !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق